إضاءات على مذكرات الدعوى والإحضار والتوقيف والقبض في القانون الجزائي السوري

إضاءات على مذكرات الدعوى والإحضار والتوقيف والقبض في القانون الجزائي السوري إن مذكرتي الدعوة والإحضار يوجد بينها فارق يتمثل في طريقة تنفيذها من حيث الإجراءات المتبعة بذلك .
شارك هذا:

إضاءات على مذكرات الدعوى والإحضار والتوقيف والقبض في القانون


الجزائي السوري 



إن مذكرتي الدعوة والإحضار يوجد بينها فارق يتمثل في طريقة تنفيذها من حيث الإجراءات المتبعة بذلك .



فمذكرة الدعوة عبارة عن دعوة توجه للمدعى عليه للحضور طليقاً وفي الوقت المعين إلى مقر قاضي التحقيق الذي طلبه ولا يحق للمولج بإبلاغها أن يستعمل أي نوع من أنواع الجبر والإكراه تجاه المدعى عليه .

أما مذكرة الإحضار فهي أمر قضائي صادر إلى مأموري السلطة العامة بتأمين حضور المدعى عليه أمام قاضي التحقيق فإذا لم يمتثل إلى مذكرة الإحضار أو حاول الهرب فإنه يساق جبراً وإذا اقتضى الأمر فيستعين المولج بإنفاذ المذكرة بالقوة المسلحة الموجودة قي أقرب مكان ، وهذا ما أتت عليه المادة { 111 أصول جزائية }

وقد خيرت المادة /102/ أصول جزائية قاضي التحقيق في قضايا الجناية والجنحة نظراً لأنه غير مختص للنظر في المخالفات أن يصدر مذكرة دعوة أو مذكرة إحضار ، فهو إذا حر في اختيار أحد النوعين ، ولكن جرت العادة أنه في حالة الجنايات الخطيرة أو الجنح المهمة ، وخاصة إذا لم يكن للفاعل محل إقامة معروف أو إذا خشي فراره أو إذا دعاه بمذكرة دعوة فلم يحضر فله أن يصدر بحق هذا الشخص مذكرة إحضار .

إذا فإن الفرق بين المذكرتين ينحصر بطريقة تنفيذها إذ إن مذكرة الدعوة لا تسمح للموظف الذي يحملها باستخدام العنف لإجبار المدعى عليه على الحضور .

في حين أن حامل مذكرة الإحضار يستطيع إجبار المدعى عليه على الحضور معه ولو اضطره ذلك إلى استعمال القوة .

ولقد ثار الجدل حول التفريق في تنفيذ مذكرة الإحضار بين صفة المراد إحضاره هل هو شاهد أو مدعى عليه من حيث جواز الاحتفاظ بالمراد إحضاره كشاهد لمدة 24 ساعة حتى يقدم إلى القضاء وكأنه مدعى عليه .

وجدال أخر تمثل في كيفية المعاملة الواجب إتباعها بالنسبة للشاهد المراد إحضاره أي هل يجب إحضاره بواسطة الجامعة وتحت الحراسة كما في حالة المدعى عليه .

وقد جاوب كتاب لوزارة العدل على ذلك حيث جاء فيه :

إن المادة 74 من قانون البينات أجازت المحكمة أن تقرر إحضار الشاهد جبراً في حال عدم حضوره لأداء الشهادة بعد تكليفه بالحضور على الوجه المعين في القانون . كما أن المادتين 102 و 103 من قانون أصول المحاكمات الجزائية أعطتا قاضي التحقيق حق إصدار مذكرة إحضار بحق المدعى عليه أو الشاهد في حال عدم تلبيتهما لمذكرة الدعوة الصادرة بحقهما وأنه يتحتم عند إنفاذ مذكرات الإحضار المشار إليها أن يصار إلى سوق من يحاول الهرب جبراً كما هو صريح نص المادة 111 من قانون الأصول المذكورة . والمقصود بسوقه جبراً هو اتخاذ جميع الوسائل المشروعة للحيلولة دون هربه حتى تسليمه للمرجع القضائي الذي طلب إحضاره ولا بد من الإشارة إلى ضرورة التفريق في تدابير الإكراه المتخذة ضد المقرر إحضاره ، فلا نرى أن يصار إلى إيقاف الشاهد بل إلى سوقه فوراً في ذات اليوم المعين لرؤية الدعوى ودون وضع الجامعة في يده في حين لا يوجد ما يمنع قانوناً من أجل حسن تطبيق أحكام المادة 111 المتقدمة من إبقاء المدعى عليه في مركز التوقيف لتقديمه إلى المحكمة التي طلبته خلال مدة أقصاها أربع وعشرين ساعة ويذكر عندئذ في أوراق الضبط وفهرس الضبوط أنه قدم موجوداً.

مدة حجز المدعى عليه بموجب المذكرتين

لقد حدد القانون المدة التي يجب أن يتم استجواب المتهم فيها وفق المذكرة التي تم إحضاره بها ففي مذكرة الدعوة فإن الشخص الذي يحضر من تلقاء نفسه بناء على هذه المذكرة يستجوب من قبل قاضي التحقيق في الحال كما تقول المادة 104 أصول جزائية أي لا يجوز تأخير استجوابه والقاعدة أنه لا يجوز توقيفه إلا إذا استدعى التحقيق ذلك وفي هذه الحالة يصدر قاضي التحقيق مذكرة التوقيف ، ويكون الاستجواب في هذه الحال شرط جوهري من شروط التحقيق .

أما في مذكرة الإحضار فإن الشخص الذي يستحضر بموجب هذه المذكرة يجب أن يستجوب من قبل قاضي التحقيق في الحال لأنه قد لا يكون هنالك مبرر يستدعي تأخيره ولكن إذا كان القاضي المذكور منهمكاً في أعمال أخرى أو كان غائباً فيوضع هاذ الشخص في النظارة ريثما يتفرغ له المحقق شريطة أن لا يتأخر استجوابه أكثر من 24 ساعة ابتداءً من وضعه في النظارة ومعنى هذا عملياً جواز حبسه هذه المدة .

أما إذا أهمل المحقق استجوابه في المدة المذكورة أو نسي أمره فإن القانون قد تنبه إلى هذه الناحية حيث نص في المادة 104 أصول على رئيس النظارة { مكان التوقيف } ومن تلقاء نفسه أن يسوق المدعى عليه إلى النائب العام وعلى النائب العام أن يطلب إلى المحقق نفسه أن يقوم باستجوابه فإن أبى أو كان غائباً أو حال دون ذلك مانع شرعي كأن يكون الشخص المذكور ممن لا يجوز القانون للقاضي استجوابه . فإن على النائب العام أن يكلف قاضي تحقيق أخر بذلك فإن لم يجد كلف رئسي المحكمة البدائية أو قاضي الصلح باستجوابه وعلى فرض أن ذلك قد تعذر أيضاً . فإن القانون قد أوجب على النائب العام أن يطلق سراحه فوراً إلا أن هذا لا يقع عملياً ولكنه ذكر من باب الاحتياط .

وقد نصت المادة 105 أصول جزائية على مؤيدات جزائية فصرحت بأنه إذا أهمل الموظف المسؤول سوق المدعى عليه في نهاية الأربع والعشرين ساعة إلى النائب العام اعتبر التوقيف عملاً تعسفياً ولوحق الموظف المسؤول بجريمة حجز الحرية الشخصية المنصوص عليها في المادة 358 عقوبات وهي { الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات } .

مذكرة التوقيف { التوقيف الإحتياطي }

يعرف التوقيف بأنه وضع المدعى عليه في أحد محال التوقيف { كما تقول المادة 423 من قانون أصول المحاكمات الجزائية } طيلة مدة التحقيق معه أو خلال فترة منه ، بموجب مذكرة { أمر} صادرة عن قاضي التحقيق . وقد يستمر هذا التوقيف إلى أن يصدر حكم مبرم في الدعوى .

ومن الملاحظ أن القانون السوري أستعمل لفظ { التوقيف } فقط ، دون أن يصفه بالاحتياطي ، على عكس القانون المصري الذي سماه كذلك أو الفرنسي والذي سماه التوقيف المؤقت .

بداية نقول بان قضاة التحقيق ليسوا قضاة حكم ( أي لا يحق لقاضى التحقيق إصدار أحكام بحق المتهمين المحالين إليه لأنها ليست من صلاحيته وإنما إصدار الأحكام هي من صلاحية قضاة الحكم ). ولكن القانون قد أجاز لقاضي التحقيق إصدار مذكرة بتوقيف المدعى عليه قد تطول أو تقصر ، ونظراً لما في التوقف الاحتياطي من مساس بحرية المدعى عليه فإن القانون قد أحاط إصدار هذه المذكرات ببعض الشروط المقيدة والتي هي عبارة عن ضمانات تستلزمها خطورة اتخاذ مثل هذا الإجراء .

شروط إصدار مذكرة التوقيف

الشرط الأول : أن يكون الفعل المسند إلى الشخص جرماً معاقباً عليه بالحبس أو بعقوبة أشد من الحبس ، كما الأشغال الشاقة مثلاً . ولذلك لا يمكن إصدار مذكرة توقيف بحق شخص إذا كان جرمه معاقباً عليه بالغرامة فقط .

هذا وأن الدكتور عبد الوهاب حومد يرى أنه من الواجب عدم توقيف المدعى

عليه إذا كانت عقوبة الجرم المنسوب إليه التجريد المدني وحده لأنه عقوبة لا تقتضي حكماً حجز الحرية .

الشرط الثاني : أن يستجوب قاضي التحقيق المدعى عليه ، حول التهمة المنسوبة إليه . وهذا الاستجواب ذو أهمية خاصة ، لأنه من الجائز أن يتمكن المدعى عليه من أن يثبت عدم صحة التهمة المنسوبة إليه .

الشرط الثالث : أن يقوم قاضي التحقيق باستطلاع رأي النيابة العامة بشأن إصدارها ، في حين أن هذا الرأي غير ضروري في مذكرتي الدعوة والإحضار . ولكن رأي وكيل النيابة استشاري لا يلزم قاضي التحقيق . غير أنه من حق النائب العام ، إذا اتخذ المحقق قراراً خلافاً لرأيه ، أن يستأنف هذا القرار إلى قاضي الإحالة . وهذه إحدى الضمانات الكبرى . لو أحسن استعمالها وتطبيقها . لأنها رقابة يمكن أن تكون جدية على أعمال قاضي التحقيق .

الشرط الرابع : يجب أن تعلل مذكرة التوقيف وتدعم الوقائع والقانون ، فيصرح فيها بالجرم الذي استوجب إصدارها وبالمادة القانونية التي تعاقب عليه وهذا ما نصت عليه المادة 108 أصول جزائية .

تنفيذ مذكرة التوقيف :

يتم تنفيذ مذكرة التوقيف بأن يصطحب الموظف المكلف بإنفاذها قوة مسلحة يطلبها من أقرب موقع من محل وجود الشخص المطلوب وبالقدر الكافي ومن واجب قائد الموقع تلبية الطلب لدى إبراز المذكرة المادة 113 أصول جزائية

وأن مذكرة التوقيف تجيز لمن ينفذها دخول بيت الشخص المطلوب إلقاء القبض عليه دون حاجة إلى إذن من القضاء.

ومن هنا نرى أن مذكرة التوقيف من أهم و أخطر المذكرات وأثقلها على عاتق المدعى عليه ، لأنها تضرب الإنسان في أعز ما يملك ، وهو حريته ، لذلك لا يجوز اللجوء إليها دون حاجة ملحة ، ولكن القضاة المحققين مع مزيد الأسف ، يكثرون من استخدامها ، تخلصاً من الإشكاليات والمسؤوليات التي قد تترتب على مذكرة الإحضار ، الأمر الذي من شأنه أن يلحق أكبر الأضرار بالناس .
شارك هذا:

القسم الجزائي

اضف تعليق:

0 تعليقات: