حق الخصوم في الطعن بقررات قاضي التحقيق

القرارات التي لا يجوز استئنافها،القرارات الجائز استئنافها،
شارك هذا:


حق الخصوم في الطعن بقررات قاضي التحقيق
يصدر قاضي التحقيق نوعين من القرارات : 
النوع الأول : القرارات التحقيقية : وتسمى الاجرائية أو الادارية مثل قرارات الانتقال والمعاينة والتفتيش  والضبط وتعيين الخبراء ودعوة الشهود وإصدار مذكرات الدعوة والإحضار والتوقيف واسترداد مذكرة التوقيف وقرارات الضم والتفريق في الدعاوى والأصل أن هذه القرارات لا يجوز استئنافها على وجه الاستقلال عن القرار النهائي للتحقيق ما لم ينص القانون على خلاف ذلك وللخصوم إثارة ما شابها من العيوب حين الطعن بالقرار الختامي للتحقيق أو أمام محكمة الموضوع حين إحالة الدعوى عليها
 النوع الثاني : القرارات القضائية : والأصل أنها تلك التي تصدر بعد انتهاء التحقيق مثل قرار ايداع الأوراق النيابة العامة لإبداء مطالبتها النهائية والقرار بإيداع الأوراق قي الجنايات لرفع القضية إلى قاضي الاحالة وقرار منع المحاكمة وقرار الظن في الجنح والمخالفات بيد أن قاضي التحقيق قد يصدر قرارات قضائية أثناء سير التحقيق مثل القرارات الفاصلة في الاختصاص وفي الدفع بعدم سماع الدعوى أو بسقوطها لسبب منن الأسباب أو بكون الفعل لا يستوجب عقابا والقاعدة بالنسبة لهذه القرارات جواز استئنافها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك
القرارات التي لا يجوز استئنافها :
نص القانون على عدم جواز استئناف بعض القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق وهي :
11. قرار قاضي التحقيق بإجراء التحقيق بمعزل عن الخصوم في حالتي الاستعجال وضرورة اظهار الحقيقة ( م 70 / 3 )
2. قرار قاضي التحقيق باسترداد مذكرة التوقيف ( م 106 / 2 )
3. قرار قاضي التحقيق باعتبار الفعل جناية وإيداع أوراق التحقيق النيابة العامة
4. القرارات التحقيقية عدا الاستثناء المقرر للنيابة العامة
القرارات الجائز استئنافها :
لم يعط المشرع الخصوم حقوقا متساوية في الطعن بقرارات قاضي التحقيق ما يستدعي التمييز بين الخصوم
أولا : القرارات الجائز استئنافها من النيابة العامة : لقد أعطى القانون النيابة العامة وفقا لنص المادة 139 /  1 أصول جزائية التي جاء فيها : (( للنائب العام في مطلق الأحوال أن يستأنف قرارات قاضي التحقيق )) وهذا ما دعا جانبا من الفقه القانوني للقول بأن للنيابة العامة حقا واسعا في استئناف قرارات قاضي التحقيق أيا كانت طبيعتها تحقيقية أم قضائية وحتى لو كان القرار قد اتخذ بناء على طلبها أو موافقتها وهذا ما يستفاد برأيهم من :
أ‌- عبارة (مطلق الأحوال ) الواردة في المادة 139 / 1 اصول جزائية
ب‌- من أن النيابة العامة خصم عادل ما يهمها هو تحقيق العدالة
 بيد أن هذا الاطلاق بنظر جانب آخر من الفقه نؤيده يبدو مغلولا ولا يعني تلك السلطة الواسعة التي فهمت من عبارة ( في مطلق الأحوال ) للأسباب التالية :
 أ‌- أن النيابة العامة لا يجوز لها أن تستأنف القرارات الثلاث المذكورة في فقرة القرارات التي لا يجوز استئنافها تحت بند ( 1 و 2 و 3 )
ب‌-  أن الواقع والممارسة العملية تظهر أن عبارة في مطلق الأحوال ليس المقصود منها أن النيابة العامة تستطيع استئناف كل القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق لأن ذلك يعني أن قاضي التحقيق سيتحول أداة في يدها توجهه وفق رغباتها
 ت‌- بما أن النيابة العامة خصم في الدعوى فإنها لا تستطيع أن تستأنف سوى القرارات التي تمس مصلحة المجتمع بصفتها ممثلة له كالقرار بمنع المحاكمة أو قرار الظن بالمدعى عليه أو قرار عدم الاختصاص وغير ذلك من القرارات التي تتعلق بمسائل قانونية لكنها لا تستطيع أن تستأنف القرارات المتعلقة بخطة العمل التي يسير عليها قاضي التحقيق ولا التعديلات عليها وفق لظروف كل قضية
وخلاصة القول برأي هذا الجانب أن العبارة الواردة في المادة 139 / 11 تعني أن من حق النيابة أن تستأنف جميع القرارات التي تقبل الاستئناف من قبل الخصوم اللآخرين في الدعوى لا إلى استئناف جميع ما يصدره قاضي لتحقيق من قرارات
والواضح ان ميدان الخلاف الحقيقي بين الفريقين هو القرارات التحقيقية الصادرة عن قاضي التحقيق  والذي أراه أن كل القرارات التحقيقية التي يصدرها قاضي التحقيق وتتعلق بأمور قانونية يجب أن تلحق بالقرارات القضائية التي يجوز استئنافها كقاعدة عامة
ونذكر في هذا المقام مسألتين ثار بشأنهما خلاف هما :
 المسألة الأولى : قرار قاضي التحقيق استرداد مذكرة التوقيف : وهو وفق الفقه مصنف ضمن القرارات التحقيقية التي لا يجوز استئنافها إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك علما أن نص المادة 106 أصول يوحي أن القرار في الأصل يقبل الطعن والمراجعة إلا أن المشرع هو من تدخل لينص على خلاف ذلك بما يعني ان هذا القرار يتمتع بالصفة القضائية ويخضع للقاعدة العامة للقرارات القضائية التي أشرنا إليها من حيث جواز استئنافها ما لم ينص القانون على خلاف ذلك فقد جاء في نص المادة 106 أصول جزائية : (( أثناء المعاملات التحقيقية وهما كان نوع الجريمة استرداد مذكرة التوقيف بموافقة النائب العام ولا يقبل قرار قاضي التحقيق باسترداد مذكرة التوقيف أي طريق من طرق الطعن أو المراجعة ))
 ويقول الفقه في شرحه لهذه المادة أن المقصود بالقول أن هذا القرار لا يقبل أي طريق من طرق الطعن والمراجعة هو المدعي الشخصي وليس المدعى عليه لانعدام مصلحته في الطعن وليس النيابة العامة لأن القرار أساسا يصدر بناء على موافقتها
 لكن التساؤل الهام ماذا لو أصدر قاضي التحقيق قراره باسترداد مذكرة التوقيف دون أخذ رأي النيابة العامة أو خلافا لرأيها فهل يقبل قراره هذا الطعن استتئنافا من قبل النيابة العامة ؟
يرى الدكتور عبد الوهاب حومد أن نص المادة 1066 هو استثناء من المبدأ العام الذي يقضي بحق النيابة المطلق في استئناف جميع قرارات قاضي التحقيق القضائية ( كما هو واضح يعتبر ان القرار يحشر في زمرة القرارات القضائية لا التحقيقية ) وهو نص خاص والنص الخاص مقدم على النص العام مستندا إلى رأي الفقيه الفرنسي دوفابر وعليه فإن قرار قاضي التحقيق هذا لا تملك النيابة العامة استئنافه
 لكن البعض كالأستاذ ياسين الدركزلي يرى أن النص لا يكسب قرار استرداد مذكرة التوقيف حجيته التامة في مواجهة الخصوم في القضية التحقيقية إلا إذا صدر بعد تحقق شرطيه موافقة النيابة العامة عليه واتخاذ المدعى عليه موطنا مختارا في دائرة قاضي التحقيق وبالتالي تملك النيابة العامة الطعن فيه استئنافا وهو نفس النهج الذي اتخذته وزارة العدل السورية في الكتاب الصادر عن وزير العدل برقم 9783 تاريخ 31/8/1978 جوابا على كتاب المحامي العام في دمشق حول هذه المسألة
 المسألة الثانية : إذا رأى قاضي التحقيق أن الفعل يشكل جناية فإنه يقرر إيداع الأوراق النيابة العامة أي إحالة القضية إلى قاضي الاحالة فهل قراره هذا يقبل الاستئناف من قبل النيابة العامة استنادا لحقها المستمد من عبارة ( في مطلق الأحوال ) الواردة في المادة 139 / 1 اصول جزائية إذا كانت ترى في الجرم جنحة يقول الدكتور عبد الوهاب حومد أن مثل هذا الاستئناف لا معنى له لأن قاضي التحقيق ملزم حكما برفعها إليه ولأن الخصوم بما فيهم النيابة العامة تملك إثارة هذه المسألة أمام قاضي الاحالة
 خلاصة القول : أننا نرى أن أي قرار يتخذه قاضي التحقيق في إطار سير المحاكمة التحقيقية لا يعلق قانون أصول المحاكمات الجزائية صدوره على إجراءات شكلية أو موضوعية ولا يفتئت على حق لأحد الخصوم في الدعوى العامة أوجب القانون مراعاته بل هو من باب المسير الطبيعي لتلك المحاكمة والمحدد بنص القانون يعد من القرارات التحقيقية التي لا ينال منها حق النيابة العامة المطلق في الاستئناف
ثانيا : القرارات الجائز استئنافها من قبل المدعى عليه : طبقا للمواد 73 و 122 و 1399 فإن القرارات التي يجوز للمدعى عليه استئنافها هي :
1. قرار قاضي التحقيق الصادر برفض إخلاء سبيله
2. القرار الصادر برد دفعه بعدم الاختصاص
3. القرار الصادر برد دفعه بعدم سماع الدعوى
4. القرار الصادر برد دفعه بسقوط الدعوى
5. القرار الصادر برد دفعه بكون الفعل لا يستوجب عقابا
ثالثا : القرارات الجائز استئنافها من قبل المدعي الشخصي : طبقا للمادة 139 / 22 فإن من حق المدعي الشخصي استئناف القرارات التالية :
1. القرارات الصادرة بإخلاء سبيل المدعى عليه الموقوف بناء على طلبه
2. القرار الصادر بمنع محاكمة المدعى عليه طبقا للمادة 132 أصول جزائية
3. قرار الظن بالمدعى عليه على أن الفعل مخالفة وإحالته على محكمة الصلح الصادر طبقا للمادة 133
44. قرار الظن بالمدعى عليه على أن الفعل جنحة وإحالته على محكمة الدرجة الأولى الصادر طبقا للمادة 134
55. كل قرار من شأنه أن يضر بحقوقه الشخصية : ومن القرارات التي تضر بالحقوق الشخصية القرار الذي يصدره قاضي التحقيق برد طلب إعادة الخبرة لإثبات التزوير أو إجراء التحقيق في غيبة المدعي الشخصي أو وكيله حسب المادة 70 / 1 أصول جزائية
رابعا : القرارات الجائز استئنافها من قبل المسؤول بالمال :
 لقد سكت تشريعنا عن هذا الحق ما يفسر أن المسؤول بالمال ممنوع من حق استئناف القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق وهو ما دعى أمير فقهنا الجزائي الدكتور محمد الفاضل أن يسميه الضحية الكبرى وما انتهج المشرع السوري في هذا الصدد يعلل بناحيتين هامتين :
 الأولى : أن للمتهم مصلحة أكبر من المسؤول بالمال في عدم ثبوت الجريمة وهو تعليل ذو أهمية لأن منطق الأمور يفرضه لكن بذات المنطق ينبغي أن نضع نصب أعييننا أنه توجد حالات عدة تتضارب فيها مصلحة المتهم مع مصلحة المسؤول بالمال
الثانية :  أن العلاقة بين المسؤول بالمال وفاعل الجريمة علاقة مدنية لا تبرر تدخل المسؤول بالمال في سير التحقيق الجزائي خاصة وأنه سيمثل كطرف أمام محاكم الموضوع جزائية أو مدنية وهناك يستطيع الدفاع عن حقوقه كما يشاء
 على أن الأمر لا ينفي كما يرى الدكتور عبد الوهاب حومد الحاجة لاصلاح تشريعي يعطي المسؤول بالمال حق استئناف بعض قرارات قاضي التحقيق على الأقل الحقوق التي تعطى للمتهم إذا قصر في استعمالها بشكل يلحق الضرر بالمسؤول بالمال
خامسا : القرارات الجائز استئنافها من غير أطراف القضية التحقيقية :
 كلنا بالطبع يعرف أن أطراف القضية التحقيقية هم كل من المدعى عليه والنيابة العامة والمدعي الشخصي وقد حدد القانون حقوق هذه الأطراف في استئناف القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق فهل لغيرهم استئناف بعض القرارات الصادرة عن قاضي التحقيق ؟
لقد أعطت المادة 988 أصول جزائية لكل من يدعي حقا على الشيء المضبوط ان يطلب إلى قاضي التحقيق أن يرده إليه فإن رفض القاضي طلبه هذا كان للمستدعي أن يستأنف قرار الرفض إلى قاضي الاحالة الذي يمكنه ان يستمع إليه إذا رأى ضرورة لذلك
اجراءات الاستنئناف :
أولا : ضرورة تبليغ قرارات قاضي التحقيق الجائز استئنافها :
اوجبت المادة 140/22 أصول جزائية ضرورة تبليغ قرارات قاضي التحقيق فيتم تبليغ النيابة العامة عن طريق ارسال الاضبارة إلى النائب العام ليطلع عليها أما المدعي الشخصي فيجري تبليغه في الموطن المختار الذي اتخذه في مركز قاضي التحقيق وإن كان لا يقيم في مركز قاضي التحقيق ولم يتخذ موطنا مختارا فيها فإنه لا يحق له أن يعترض على عدم تبليغه الأوراق التي يوجب القانون ابلاغها إياه أما المدعى عليه غير الموقوف فيصار إلى تبليغه في محل إقامته الذي يكون بينه عند إجراء التحقيق معه أو في الموطن المختار المتخذ من قبله عند تقديم طلب إخلاء السبيل اما المدعى عليه الموقوف فيصار إلى تبليغه القرار في دار التوقيف الموجود فيها
 مهلة الاستئناف ومرجعه : منح المشرع الخصوم في الدعوى التحقيقية مهلة واحدة لاستئناف قرارات قاضي التحقيق هي أربع وعشرون ساعة تبدأ بحق النيابة العامة من تاريخ عرض القرار عليها للمشاهدة وبحق المدعي الشخصي والمدعى عليه غير الموقوف من تاريخ تبليغهما القرار في الموطن المختار وبحق المدعى عليه الموقوف من تاريخ تسليمه القرار في دار التوقيف وقد ذهبت محكمة النقض السورية أن المدة لا تحسب من ساعة التبليغ إلى مثيلتها في اليوم التالي بل تنصرف تلك المدة إلى يوم عمل كامل وبالتأكيد فإن المرجع الاستئنافي لقرارات قاضي التحقيق هو قاضي الاحالة 
شارك هذا:

القسم الجزائي

اضف تعليق:

0 تعليقات: