فتوى بعنوان: الزواج

‏تقديم استشارات قانونية مجانية لمجالات الحياة المختلفة والتي تساعد الناس على تجنب الوقوع في الأخطاء المؤدية إلى خسارة الحقوق‏
شارك هذا:
فتوى بعنوان: الزواج والسؤال هو:
.
 هل يجوز للمرأة أن تشترط بعقد الزواج على زوجها ألا يتزوج من اخرى ؟ واذا اشترطت ذلك وتزوج ماحكم الشرع فى ذلك
.
#الإجابة_هى:
 الشرط المقترن بعقد النكاح لتحقيق مصلحة لأحد الزوجين على أربعة أقسام: أحدها: ما ينافي مقتضى العقد شرعًا، كإشتراط أحد الزوجين تأقيت الزواج، أي تحديده بمدة،
أو أن يُطلقها في وقت محدد، فمثل هذا الشرط باطل، ويبطل به العقد بإتفاق الفقهاء.
 الثاني: الشرط الفاسد في ذاته ، مثل أن يتزوجها على ألا مهرَ لها، أو على ألا ينفق عليها، أو أن ترد إليه الصداق، أو أن تنفق عليه من مالها، فهذا وأمثاله من الشروط الباطلة في نفسها؛ لأنها تتضمن إسقاط حقوق أو التزامها إنما تجب بعد تمام العقد لا قبل إنعقاده ، فيصح العقد ويبطل الشرط في قول جميع الفقهاء.
 الثالث: ما يكون مضمونه واجبًا بمقتضى العقد كإشتراط النفقة والسكنى وحسن العشرة ، فهذا لا أثر له ؛ قال الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر": "ما ثبت بالشرع مقدَّم على ما ثبت بالشرط... ولو شرط مقتضى العقد لم يضره ولم ينفعه؛ لأن مقتضى العقد مستفاد منه بجعل الشارع لا من الشرط".
الرابع: ما كان فيه مصلحة لأحد العاقدَين وسكت الشرع عن إباحتة أو تحريمة ولم يكن منافيًا لمقتضَى العقد ولا مُخِلا بالمقصود منه، ولا مما يقتضيه العقد أيضًا، بل هو خارج عن معناه، كأن تشترط على زوجها أن لا يُخرِجَها مِن بيت أبوَيها أو أن لا ينقلها من بلدها، أو أن لا يتزوج عليها،
فهذا النوع من الشروط قد اختلف فيه الفقهاء:
 فالحنابلة ومَن وافقهم يعدُّونها شروطًا صحيحة لازمة بمعنى ثبوت الخيار بعدمها؛ محتجين بأن الأمر الشرعي بالوفاء بالشروط والعقود والعهود يتناول ذلك كله تناولا واحدًا، ولَمَّا كان فيها منفعة مقصودة وكانت لا تمنع المقصود من النكاح، كانت عندهم لازمة، بمعنى أنهم يجعلون لمشترطها حق فسخ العقد عند الإخلال بها؛ لأن مشترطها لم يرض بالزواج إلا على أساس الوفاء بهذه الشروط، فإذا لم يتحقق الوفاء بالشرط فات الرضا المطلوب في عقد الزواج.
 وغيرهم من الفقهاء يرونها شروطًا فاسدة، لا على معنى عدم جواز اشتراطها، بل يجوز إشتراطها لأي واحد من طرفي العقد، ولكن لا يلزم الوفاء بها ولا يترتب على الإخلال بها حق للمشترط عندهم.
 والمذهب الأول هو الأقرب إلى عمومات النصوص والأليق بأصول الشريعة ، ويدل له بخصوصه ما الشيخان عن عُقبَةَ بن عامر -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- قال:
«إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَن تُوفُوا ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ»،
وقوله: «المُسلِمُون على شُرُوطِهم».
 رواه أبو داود وغيره عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه-، وكذلك ما رواه الشيخان عن المِسوَرِ بنِ مَخرَمةَ -رضي الله تعالى عنه- أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذَكَرَ صِهرًا له مِن بَنِي عَبدِ شَمسٍ فأَثنى عليه في مُصاهَرَتِه إيَّاه، فأَحسَنَ، قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفى لي، وإني لست أحرم حلالا، ولا أحل حراما ”
«حَدَّثَنِي فصَدَقَنِي، ووَعَدَنِي فوَفى لي، وإنِّي لستُ أُحَرِّمُ حَلالا، ولا أُحِلُّ حَرامًا». يقول ابن قُدامة الحنبلي في "المغني": "إن تَزَوَّجَها وشَرَطَ لها أَن لا يَتَزَوَّجَ عليها فلها فِراقُه إذا تَزَوَّجَ عليها، وجُملةُ ذلك: أَنَّ الشُّرُوطَ في النِّكاحِ تَنقَسِمُ أَقسامًا ثَلاثةً: أَحَدُها ما يَلزَمُ الوَفاءُ به، وهو ما يَعُودُ إلَيها نَفعُه وفائِدَتُه، مِثلُ أَن يَشتَرِطَ لها أَن لا يُخرِجَها مِن دارِها أَو بَلَدِها، أَو لا يُسافِرَ بها، أَو لا يَتَزَوَّجَ عليها، ولا يَتَسَرَّى عليها، فهذا يَلزَمُه الوَفاءُ لها بِه، فإن لم يَفعَل فلها فَسخُ النِّكاحِ. يُروى هذا عن عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ -رضي الله عنه- وسَعدِ بنِ أبي وَقَّاصٍ ومُعاوِيةَ وعَمرِو بنِ العاصِ -رضي الله عنهم-، وبه قال شُرَيحٌ وعُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ وجابِرُ بنُ زَيدٍ وطاوُسٌ والأَوزاعِيُّ وإسحاقُ. وأَبطَلَ هَذِهِ الشُّرُوطَ الزُّهرِيُّ وقَتادةُ وهِشامُ بنُ عُروةَ ومالِكٌ واللَّيثُ والثَّورِيُّ والشافعيُّ وابنُ المُنذِرِ،
 وأَصحابُ الرَّأيِ. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ والشَّافعيُّ: وَيَفسُدُ المَهرُ دونَ العَقدِ، ولها مَهرُ المِثلِ. واحتَجُّوا بِقولِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ شَرطٍ لَيسَ في كِتَابِ اللهِ فهو بَاطِلٌ، وإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرطٍ».
وهَذَا لَيسَ في كِتَابِ اللهِ؛ لأَنَّ الشَّرعَ لا يَقتَضِيهِ، وقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:
«المُسلِمُونَ عَلى شُرُوطِهِم، إلا شَرطًا أَحَلَّ حَرَامًا، أَو حَرَّمَ حَلالا»،
 وهَذَا يُحَرِّمُ الحَلالَ، وهو التَّزوِيجُ والتَّسَرِّي والسَّفَرُ؛ ولأَنَّ هَذَا شَرطٌ لَيسَ مِن مَصلَحَةِ العَقدِ ولا مُقتَضَاهُ، ولم يُبْنَ عَلَى التَّغلِيبِ والسِّرَايَةِ، فَكَانَ فَاسِدًا، كَمَا لَو شَرَطَت أَن لا تُسَلِّمَ نَفسَهَا. للَنا
 قَولُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّ أَحَقَّ ما وَفَّيتُم به مِن الشُّرُوطِ ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ». رَواهُ سَعِيدٌ، وفي لَفظٍ: «إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَن تُوفُوا بها ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ». مُتَّفَقٌ عليه، وأيضًا قَولُ النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: «المُسلِمُونَ على شُرُوطِهم»،
 ولأَنَّه قَولُ مَن سَمَّينا مِن الصَّحابةِ ولا نَعلَمُ لهم مُخالِفًا في عَصرِهِم، فكان إجماعًا. ورَوى الأَثرَمُ بإسنادِه: "أَنَّ رَجُلا تَزَوَّجَ امرأةً وشَرَطَ لها دارَها، ثُم أَرادَ نَقلَها، فخاصَمُوه إلى عُمَرَ فقال: لها شَرطُها، فقال الرَّجُلُ: إذًا يُطَلِّقْنَنَا، فقال عُمَرُ: مَقاطِعُ الحُقُوقِ عندَ الشُّرُوطِ، ولأَنَّه شَرطٌ لها فيه مَنفَعةٌ ومَقصُودٌ لا يَمنَعُ المَقصودَ مِن النِّكاحِ، فكان لازِمًا، كما لو شَرَطَت عليه زِيادةً في المَهرِ أَو غيرَ نَقدِ البَلَدِ". اهـ. ويقول ابن القيم الحنبلي في "زاد المعاد":
 "والقِياسُ: أَنَّ كُلَّ عَيبٍ ينفر الزَّوج الآخَر مِنه ولا يَحْصُل به مَقصُودُ النِّكاحِ مِن الرَّحمةِ والمَوَدَّةِ يُوجِبُ الخِيارَ، وهو أَولى مِن البَيعِ، كَمَا أَنَّ الشُّرُوطَ المُشتَرَطَةَ في النِّكاحِ أَولى بِالوَفاءِ مِن شُرُوطِ البَيعِ، ومَا أَلزَمَ اللهُ ورَسُولُهُ مَغرُورًا قَطُّ ولا مَغْبُونًا بِمَا غُرَّ بِه وغُبِنَ بِهِ. ومَن تَدَبَّرَ مَقاصِدَ الشَّرعِ في مَصادِرِهِ ومَوارِدِهِ وعَدلِهِ وحِكمَتِهِ ومَا اشتَمَلَ عليهِ مِن المَصالِحِ لم يَخْفَ عَلَيهِ رُجْحانُ هَذا الْقَولِ وَقُربُهُ مِن قَواعِدِ الشَّرِيعةِ". اهـ. ويقول صاحب "تفسير المنار" "6/ 123، 124":
 "ومن العقود التي شدد بعض الفقهاء في إبطال شرطها: عقد النكاح، فترى الذين يُجوِّزون الشروط في البيع -وهو من المعاملات الدنيوية الموكولة إلى العرف- لا يُجوِّزون الشروط في عقد النكاح،
وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:
«إنَّ أَحَقَّ الشُّرُوطِ أَن تُوفُوا بها ما استَحلَلتُم به الفُرُوجَ».
رواه أحمد والشيخان في صحيحيهما وأصحاب السنن عن عقبة بن عامر.
 وقد جَوَّز أحمد بهذا الحديث أن تشترط المرأة في عقد النكاح أن لا يتزوج عليها، وأن لا تنتقل من بلدها أو من الدار، ويجيز لها فسخ النكاح إذا تزوج عليها وقد اشترطت عليه عدم التزوج عليها، كما يجوز لها الفسخ بغير ذلك من العيوب والتدليس. ومذهبه هذا في الشروط هو الموافق لسهولة الحنيفية السمحة ورفع الحرج عنها". اهـ. وعلى هذا القول: يجوز للمرأة ولوليها أن يشترط أيٌّ منهما في عقد النكاح عدمَ زواج الزوج بأخرى، وهذا يعطيها الحق في فسخ النكاح إذا أخلَّ الزوج بالشرط، فتثبت لها حقوقُها حينئذٍ وافيةً، ولا يسقط حق الفسخ إلا إذا أسقطته هي، أو رضِيَت بمخالفته للشرط. وهذا الرأي يؤول إلى تمكين كلا طرفي العقد من أن يتنازل كل منهما للطرف الآخر عن حق من حقوقه بما لا ينافي مقتضى العقد، بحيث يكون هذا التنازل ملزِمًا له بعد ذلك، وهو بذلك يتسق مع روح الشرع في كثير من المسائل، كمسألة تفويض المرأة بالطلاق ؛ فإن كونه بيد الزوج هو حق له، وقد أجاز الشرع له أن يعطي لزوجته الحق أن تطلق نفسها منه، وعلى منوال هذا الرأي سار القضاء الشرعي في المحاكم الشرعية وقانون الأحوال الشخصية في مصر في مسألة عمل الزوجة؛ حيث عدَّه حقًّا مشروطًا للزوجة أن تشترطه في عقد زواجها، ويصير حقًّا لها أيضًا إذا أذن لها زوجها في العمل صراحة أو ضمنًا؛ حيث ألزم الزوجَ بهذا الإذن للزوجة وصيَّر ذلك حقًّا لها عليه، ولم يُمكِّنه من الرجوع فيه إلا عند إساءة استعمال الحق، فنصت الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم 25 لسنة 1920 -المستبدلة بالقانون رقم 100 لسنة 1985- على أن: "لا يُعتَبر سببًا لسقوط نفقة الزوجة خروجُها من مسكن الزوجية دون إذن زوجها في الأحوال التي يباح فيها ذلك بحكم الشرع مما ورد به نص أو جرى به عرف أو قضت به ضرورة، ولا خروجها للعمل المشروع ما لم يظهر أن استعمالها لهذا الحق المشروط مشوب بإساءة استعمال الحق، أو مناف لمصلحة الأسرة وطلب منها الزوج الامتناع عنه". وهذا النوع من الشروط وإن كان القانون قد جعله مانعًا من الحكم بنشوز الزوجة فقط إذا أصرَّت على العمل بمقتضاه، ولم يضع فيه جزاءً ملزِمًا للزوج بتنفيذه، ولا نص على حق الزوجة في طلب الطلاق عند الإخلال به من قِبَل الزوج، إلا أن هذا الحق مستفاد من ضرورة اعتباره شرطًا صحيحًا في عقد الزواج، أي أن الرضا بالزواج مشروط به، وتصحيح القضاء له في مانعيته من الحكم بالنشوز يقتضي الإلزام به، والإلزام به كشرط صحيح يعني أن بقاء الزواج مرتبط ببقائه، وأن عدمه مسوِّغ لمشترطه في طلب الفسخ،
كما هو مذهب الحنابلة ومن وافقهم في تصحيح هذا النوع من الشروط.
 والشرط هو: ما يلزم مِن عَدَمِه العدَمُ ولا يلزم مِن وجودِه وُجودٌ ولا عَدَمٌ لِذَاتِه، وعدم الوفاء بالشرط وإن لم يفسخ النكاح بنفسه -لأن عقدته بيد الزوج- إلا أنه يجعله قابلا للفسخ؛ فهو شرط في سقوط حق المطالبة بالفسخ، لا في صحة انعقاد النكاح في نفسه؛ لأن عقد النكاح لا يقبل التعليق بالشرط، فالمقصود بالشرطية هنا أن الشرط إذا فات صار النكاح قابلا للفسخ عند المطالبة به، لا أنه ينفسخ من تلقاء نفسه، وعدم إعطاء حق طلب الفسخ بفوات الشرط لا يتفق مع تصحيحه والإلزام به، وفي ذلك يقول ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" "29/ 353":
 "أمَّا عدم الفسخ بفوات الشرط الصحيح وقول من قال: لا تُرَدُّ الحرَّةُ بعيبٍ، فهذا ليس له أصل في كلام الشارع ألبتة، بل متى كان الشرط صحيحًا وفات، فلمشترطه الفسخُ". اهـ
شارك هذا:

القسم الشرعي

اضف تعليق:

0 تعليقات:

اقرأ ايضا

اجتهادات عن المفقود بالعمليات الحربية-خدمات قانونية

قرار 886 / 1977 - أساس 883 - محاكم النقض - سورية  قاعدة 63 - القانون المدني ج1 الى ج9 - استانبولي  ان

law of syrians